-->

random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

المرأة قديما وحديثا


  المرأة   قديما  وحديثا


كثيرًا ما يقَع المرءُ تحت ضَغْطٍ مجتمعِيٍّ، فتُفرض عليه أشياءُ تُقَيِّد حُريتَه بعضَ الشيء، فمجتمعُنا الشرقيُّ يختلف عن باقي المجتَمَعات.
قديمًا كان أغلب دور النساء - وهو دورٌ سامٍ في نظري - مُقتصرًا على البيت وتربية الأبناء، فهي أميرةٌ في بيتها، يثق بها زوجُها، يُعطيها مالَه الذي يعمل ويكدح من أجل الحصول عليه، في سبيل راحة بيته، وتوفير لوازم حياته، فلم يكنْ لها دورٌ آخر غير الاهتمام بهذه المملكة الصغيرة وشعبها، الذي يتكوَّن من الأبناء، أمَّا الرجل فكان يرى في نفسه القوامة، ويرى في زوجتِه الضعف والقوة معًا في آن واحدٍ، فقوتها ناشئة مِن حملها بيتها على عاتقها، ومساعدتها له دون إثقال عليه، وضعفُها ناشئٌ مِن احتياجها الدائم له.
هذا كان قديمًا
أمَّا حديثًا فقد تغيَّرالوضعُ كثيرًا، وأصبح تفكير كلٍّ من الرجل والمرأة بشكلٍ مختلف، إذ اتسعت الفجوةُ، وتغيرت النظرة، وأصبحت المرأة تنظر إلى الرجل على أنه سالبٌ حريتها، بالرغم مِن أنها انتصرتْ عليه بعضَ الشيء - في نظَر المرأة العصريَّة - عندما تحررتْ، وخرَجتْ إلى العمل، ومارَست الكثيرَ مِنَ الحُقوق التي كانتْ محرومةً منها، وبالرغم من ذلك كله فأنها ما زالتْ غير راضية، في حين أنَّ الرجل - في مُقابلها - بدأ يشعر بالنديَّة في التعامل، وأصبح ينظر لها نظرةً يشوبُها القلقُ، والبعد، والصراعات المتداخلة، هذا من جانبٍ، ومن جانب آخر: نظرة تقصير في حقِّ بيتها وحقِّه.
وإذا ما نظرنا نظرة فاحصة حيادية لدور المرأة العصرية الجديدة، قلنا:
هل شعرت المرأةُ بعد هذا التطوُّر الملحوظ في دورها بالراحة؟
هل أصبحتْ أكثر سعادةً؟
الملاحَظ - والذي لا يخفيه عاقلٌ ألبتة -: أن المرأة ثقُلَتْ عليها الأعباءُ، فأصبحتْ تُمَثِّل دور الأم، ودور الزوجة، ودورًا ثالثًا هو دور السياسية، ورابعًا دور العاملة، وخامسًا دور الأب!
وأنا لستُ ضد هذه الأدور الجديدة إذا كانتْ ستُسَبِّب لها الراحةَ التي تنشدها – ولا إخالها ترتاح - ولكني وجدتُ المعاناة ازدات، والقيود كثرتْ، بل زادتْ أوجه القصور، وأصبح الأبناء هم الضحية الأولى، بل هم دافعو الثمن الأول.
المرأةُ التي تُطالب بالعمل وإعطاء الحرية لها، غير سعيدةٍ داخليًّا، وإن كانتْ تتظاهر بعكس ذلك، وإن كان الدور السامي لها هو إنشاء جيل قوي محترم، مُفَكِّر ومهذب، فأني يتحقَّق في ظِلِّ في الأفكار والحريات؟!
هل تظنُّ المرأة العاملةُ أنَّ النقود التي تأتي بها تُعوِّض تقصيرَها مع بيتها وأولادها؟ إذا كان هذا منطق بعض السيدات، فهو خطأ فاحش.
لكن لنكنْ مُنصفين بعض الشيء؛ فهناك بعضُ السيدات تخرج للعمل؛ لأنها لا تشعر بالأمان مع رجلها، وتخشى طغيانه، أو تخليه عنها، فتضطرُّ لأن تؤمِّن مستقبلها بعمل من الأعمال، وهنا تزداد المشكلاتُ؛ حتى إذا خرجتْ وعملتْ وحصلت على راتب جيد يُعينها على تأمين مستقبلها وأبنائها، يبدأ الزوجُ بطلب جزءٍ مِن الراتب، فتزداد الفجوةُ بينهما.
فكثير مِن السيدات يرفُضْنَ ذلك، والسببُ عندهنَّ أنَّ الدين يحصِّن مالهنَّ، ويجعل لهنَّ ذمةً ماليةً خاصة، وليس لزوجها الحقُّ في أخْذِ شيء منه!
وفي هذا عجبٌ؛ إذ ينشأ صراع داخلي لدى السيدة العاملة، بين رؤيتها في أنَّ هذا المال حقها، وأنها تعبتْ في تحصيله، وبين أنَّ هذا المال يجبر تقصيرًا في حق الزوج والأبناء!
فهل تظنُّ المرأة أن المالَ يُعالج جزءًا مفقودًا مِن الحياة الزوجيَّةِ؟ هل تظن المرأة أن خروجها للعمل وإتيانها بقليل أو كثير من المال يعلي مِن شأنها وقيمتها أمام الرجل والأبناء؟
إن الخلل الحادث نشأ نتيجة النظرة الدونية للمرأة نفسها لنفسها وهي في بيتها، عندما نظرتْ نظرة احتقار لهذه المملكة الأولى المسؤولة عنها، فلو أنها من البداية نظرتْ وتأملتْ لعظم الدور الذي خلقت له، لما وجدنا حالها كما هو الآن.


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

تابعونا لتتوصل بجديد مسار

جميع الحقوق محفوظة

ب مسار B-massar

2016